الثقة بالنفس

الثقة بالنفس لا تعطى بل تولد في كل فرد فينا لكن غالبا ما يراد  لها ان نخرجها  لكنها مع  مع مرور الزمن تختفي فتجد البعض يفقد القدرة على الكلام ويبدأ في التعلتم  وآخر يتعرق أتناء الحديث أمام الغرباء، إلخ.


عندما نولد فهي تولد فينا، لذلك نقول إذا أتينا بطفل عمره سنتين وأدخلناه  في الغابة بدون أن نجربه إحساس الخوف على الإطلاق، سنجده بشكل طبيعي يذهب إلى الأسود وإلى النمور ويبدأ يركب هذا ويصفع هذا دون خوف منهم لأنه لا توجد لديه أي سابق تجربة  معهم، فهو سيتعامل بتلقائيته.  عندما نأتي إلى تعريف التقة بالنفس فنحن ننطلق من المعنى المعاكس لها، أي عدم التقة بالنفس والتي تتمتل في  شعور الفرد بالسلبية والتردد وعدم االإطمئنان للامكانات المتواجدة فيه، بإختصار الشعور بعدم القدرة على فعل أي شيء. ومن هنا يمكننا استخلاص المعنى الحقيقي للثقة بالنفس أي اطمئنان الفرد وشعوره  بالإجابية نحو ما يملك من إمكانيات وعلى أنه قادر على فعل شيء ما.

لكن السؤال الآن هو أين تختفي هذه الثقة عند بعض الناس؟

سلبية الوالدين وتعليماتهما السلبية المتكررة، والذي يجعل تفكير الفرد يتوجـه نحـو احتمالات الفشل أكثر من النجاح، مما يعني الفشل والذي سيصبح مع مرور الـزمن واقعا ملموس.

ناهيك عن "أن كثرة الأوامر والنواهي بحد ذاتها دون سلبيتها هي سبب ؛ لأنها تحـرم الشخص من التفكير السليم".  إضافة إلى ذلك فـإن كثرة الأوامر والنواهي تقتل الإبداع لدى الشخص حيث سيصبح شغله الشـاغل هـو تلبية الأوامر والابتعاد عن النواهي فلن يجد مجالاً للتفكير في شيء لم يطلبه أحد منه. 

تعرض الفرد لمواقف محبطة أكثر من مرة وتعرضه للفشل وكذلك تعرضه للانتقـاد المتكرر مع الابتعاد عن التحفيز والتشجيع.
ولا شك أن التأثير السلبي لذلك سيكون أكبر وأوضح إذا كانت الانتقادات من أشـخاص هم محل ثقة لدى هذا الفرد كالوالدين مثلاً أو المعلمين؛ وذلك لأنه يشعر أن مثل هـؤلاء الأشخاص هم أدرى بحاله من نفسه، مع العلم أن هـذه الإحباطـات المتكـررة وهـذه الانتقادات اللاذعة ستظهر عمليا في سلوك الفرد من خلال تقاعسـه عـن أداء المهـام المطلوبة منه ليتجنب الانتقاد إن هو لم يصل إلى المستوى المطلـوب منـه وليتجنـب تكرار الإحباطات، أو سيكون السبب في تقاعسه هو أنه في كل الأحوال سـيتم انتقـاده وتوبيخه فلا داعي لأن يتعب نفسه ويرهقها في أداء المهام المطلوبة منه. 

تعرض الفرد في طفولته إلى اعتداء جنسي أو جسمي شديد مما يفقـده ثقتـه بنفسـه وبالآخرين من حوله

سماح الفرد نفسـه لأفكـاره السـلبية أن تـتحكم فـي نفسـه، واحتقـاره لنفسـه، ومن الطبيعي والبديهي أن شخصا تتحكم فيه أفكاره السوداوية والسلبية سـيؤمن فـي نهاية المطاف أنه شخص فاشل في كل شيء ولا يصلح لهذه الحياة، مما يعني فقدانـه التام لثقته بنفسه.

سبب آخر هو التقليد، فإذا كان أحد الأبوين أو كليهما فاقدا للثقة بنفسه فسـيظهر ذلـك على تصرفاته التي سيقلدها الابن على أنها هي التصرفات الطبيعية والصحيحة، خاصة وأنهـا صادرة من قدوته ومثله الأعلى. كيف يمكن اكتساب الثقة بالنفس ؟ من المدهش القول أن الثقة بالنفس تكون في أعلى درجاتها في مرحلة الطفولة المبكرة في سن ما قبل المدرسة، حيث أن معظم أطفال هذه المرحلة لـديهم تصـور إيجـابي عـن ذواتهـم وقدراتهم، و خير دليل على ذلك التجربة التي قام بها والتي قـام فيهـا بعرض ثنائيات عن الصور تصور إحداها طفل ينجح في إنجاز عمل ما ويؤديه بهمة ونشـاط وإصرار، أما الصورة الأخرى فتمثل الطفل وهو يقف حائرا عاجزا، وقد كان معظم أطفال ما قبل المدرسة يختارون الطفل المنجز الناجح، و هذا يعني أن معظم الأطفال في هذه المرحلـة لديهم تصور إيجابي عن ذواتهم، ومليئين ثقة بأنفسهم، ولديهم رغبة في القيام بأعمال جديـدة، ولكن ما يحدث هو أن الطفل مع التحاقه بالمدرسة ينخفض مستوى الثقة بنفسه بسبب مقارنتـه نفسه بغيره من الرفقاء، فيجد من هو أسرع منه أو أكفأ، فيبدأ بالتواضع قليلاً...

كيف نقوم بتقوية الثقة بالنفس؟

 الثقة بالنفس هي من السمات الشخصية المُكتسبة من البيئة المُحيطة بالفرد، فهناك الكثير من الطرق والأساليب والخطوات التي يجب أن يَسير عليها الفرد ليتحلّى بثقَته بنفسه، والحِفاظ على ديموميّة هذه الثقة في ظِلّ جميع المواقف والظروف، وتطويرها بشكلٍ مستمر، وفيما يلي بعض الخُطوات المُساعدة في كيفيّة تقوية الثقة بالنفس والمُحافظة عليها:

محافظة الفرد على سلامة المظهر العام، وارتِداء الثّياب النظيفة والأنيقة، والمُلائمة لكلّ حال وموقف، والاهتمام بالنّظافة الشخصيّة، والابتعاد عن العادات التي تُولّد نفور الآخرين من الفرد كالبصق على الأرض أثناء التحدّث مع الآخرين، والتجشؤ بصوتٍ عالٍ وغيرها من العادات غير اللائقة، بالإضافة إلى استقبال الناس بوجه بشوش وسعيد وصوت هادئ بعيد عن ترك طابع الهم والاكتئاب، كلّ ذلك يعكس تعبير الفرد لمن حوله عن ذاته، وبالتالي اكتساب قبولِ الناس والمُجتمع له. 
يَجب على الفَرد مُقاومة مَخاوفه وفسح المجال لنفسه لمُمارسة الخبرات الجديدة والمواهب المُختلفة، وتوسيع المَعارف والمَدارك. التمرين الذاتي على الانخراط في العلاقات الاجتماعية، والمُشاركة بها، وتوسيع دائرة التواصل مع الآخرين، وحُضور المُناسبات والتجمّعات. 
مُحاولة استدعاء التفاؤل في شتّى الظروف، والثقة بأنّه لا يُوجد حال يَدوم على حاله. 
تعويد النفس والذات على التفكير الإيجابي والاستجابات الإيجابيّة، بالإضافة إلى المُبادرة لبذلِ العطاء في جميع أشكاله الماديّة والمعنويّة، وعدم التردّد في تَقديم النصح والإرشاد في المَواقف المُختلفة. حبّ الذات بجميع تفاصيلها وبكلّ ما تملك، وتقبُّل المَهارات والقُدرات والكفاءات الموجودة لدى الفرد، والسعي الدائم إلى تَطويرها وتَدريبها وإضافة كلّ ما هو جديد لها. 
تمرين النفس على الردّ على جميعِ الأسئلة الموجّهة ولو بتأجيل الإجابة، والابتعاد عن التصريح بعدمِ المعرفة، والتدريب المُستمر على التحدّث مع الآخرين والمُشاركة بالنقاشات والحوارات، وقهر الخوف الداخلي والتوتّر، والتغلّب عليه بالمُداومة والإصرار على إحرازِ التطوّر في آليّة المُشاركة في كلّ نِقاش حاصل، والسعي إلى قيادة الحديث وتوجيهه. 
التوجّه إلى اكتساب المَزيد من المَعارف الجديدة من أهل الخبر، وبالتالي الارتفاع لمَكانتهم من خلال السير على خُطاهم والاستفادة من تَجاربهم، والابتِعاد عن الأخطاء التي وقعوا بها. 
الابتعاد عن مقارنة النفس بالآخرين، وعَدَم انتظار الثناء منهم، والظُّهور أمامهم بالقدرات الحقيقيّة، وعدم إخفاء القصور في بعض القدرات، فالجميع لديه كفاءة عالية في مَجالٍ مُعيّن، والضّعف في مجالٍ آخر. 
الابتعاد عن إحساس الفرد تجاه نفسه بأنّه شخص غير مرغوب فيه ومنبوذ تجاه أيّ تقصير صادر من الآخرين.
 الابتعاد عن اتّخاذ القرارت بشكل مُتسرّع، وأهميّة دِراسة الاحتِمالات والخيارات المُتاحة بشكلٍ مَنهجي، وفصل الآثار السلبيّة والإيجابيّة المُترتّبة على قرارٍ ما، واختيار البديل أو القرار المُناسب. 
مُحاولة الاسترخاء لفتراتٍ مُتقطّعةٍ خلال اليوم.

 مما سبق يمكن القول أن هناك اتفاق على أن الثقة بالنفس تتضمن بلا شك الجانب الإدراكي المعرفي والجانب السلوكي٠ الجانب الإدراكي يتمثل في إدراك الفرد لكفاءته وقدراته ومعرفته للمهارات التي يمتلكها، مع معرفته لحدود تلك القدرات وتقبله لها ولذاته٠ أما الجانب السلوكي فيتبلور في ترجمة هذه المعتقدات الإيجابية عن الذات إلى أفعال سلوكية ومظاهر حركية تعكس مدى ثقة الفرد بنفسه من خلال قدرته على التعامل بفاعلية و توافق وانسجام مع المواقف الحياتية التي يعيشها.

مراجع:

  سمية علي، فعالية برنامج إرشادي مقترح لتنمية الثقة بالنفس لدى طالبات الجامعة (بتصرف)




0 Commentaires